‎⁨”أشعر وكأني حيوان جريح في غابة تحترق.”⁩

03530487-C1BD-4866-855C-637217263ECC

مقدمة:

هذه الخاطرة هي ذاتية لا شخصية، لن تتعلق باسم كاتبه ولا شخصه لكن قد تتعلق بذاته او ذوات أخرى، قد تكون فيها هموم كبيرة نابعه من الذات والواقع المعاش.
عنوان التدوينة قد يكون أسى نفسي أو خدعة أدبية كأنها جزء من قصة و رواية ما او حتى وسيلة جذب !

والآن حان موعد الحروف المستعرة أن تشتعل!

 

80e591c6e5fc3f48d4198b3ceecd070a

الحروف المستعرة:

سنجد أنفسنا احيانا وسط حطام ما وسط فوضى ما وسط حاضر متسارع ومرة ننظر للتاريخ ونجده متباطأ جدا، قد نجد أنفسنا ان إستشراف المستقبل وتوقعه أصبح أكثر غموض إذ أن الحاضر يزداد غموضا وتسارع وتشابكا، قصة ماقبل الإنسان او لنقل قبل ان يحول الإنسان الاشياء إلى أدوات له وقبل ان يغير معالم الجغرافيا والزمان والمكان ويطوع ماحوله له، عالم الطبيعة المتناغم ففي كل لحظة هناك من تم افتراسه وبين ولادة جديدة ورغم المنظر المخيف والجميل من اعلى إلا ان عدد ما يفترس مساويء للولادة الجديدة.

ان الطبيعة تعرف كيف تتناغم وتتكيف ولفيها لوفرة تكفي لجميع الخلق فلا يوجد غريزة زائدو جشعه تأكل الحرث والنسل فالكل يمشي لما يمشي له إلا ان جاء هذا المخلوق الواقف على قدمين الضعيف المحدود التائه المتساءل المندهش.

لن اعيد قصة الأسى المتكررة حول خطيئة أبينا آدم وأكله للتفاحه التي ترمز للفضول ولا إلى قتل قابيل هابيل لأجل شعور ولأجل هدف وهمي بل سوف استشهد بالغراب لكي يرينا بشاعة هذه الكائن.

الغراب الذي علمنا قابيل الدفن نراه يتكرر في لحظات التاريخ البشري يطوف فوق جثث حرب ايدلوجية ما او حرب لأجل مصالح ومطامع مجموعة ما، عندها تيقنت جماعة الغربان ان درس جدهم لبني الإنسان لم يكن درسا بقدر ما هو إعلان لإندلاع لكارثة لن تنتهي!

سنرى ان الوفرة التي وفرتها الطبيعة احكم عليها الإنسان وحرمها بقية خلقه، سنرى اننا وفي عصر اصبحنا نرمي فائض الطعام وهناك من يموت جوعا كل ساعة وربما اكثر، في زمن اصبح حسب وصف جيسون سيلفا -بتصرف- (الجوال اليوم اصبح متطورا واسرع ١٠٠ مرة اكثر من اجهزة التجسس الامريكية قبل ١٠٠ عام) وهناك من لا يستطيع التعلم بسبب الحال البشع.

سنرى كيف طوع الإنسان ليس فقط من بني جلدته لإختبارات علمية سادية بل وحتى الحيوانات البريئة تحت غطاء العلم نعم العلم الذي نستخدمه لكشف المجهول اصبح مجهولا بيدهم، ان هذا الإنسان فيه الجمال والبشاعة التي لا تطاق فما ان ترى الجمال الذي فيه ولكن سرعان ما ينقشع كل ذلك لترى كيف يطوع الوسائل الاعلامية ضد الإنسان وضد الناس، كيف يدمر كونه بنفسه، ان من يعيش لحظة الإنبهار من الإنجاز البشري اعلم ان هذا الإنجاز لا يساوي ولا يمحي بشاعة هذا الإنسان.

انا لا اكرر سرد هذه الامثلة وهذا اللوم على بني الإنسان بل إلى من يملك السلطة إلى من لديه مقدرة بل إلى من له يد في ذلك لا عجب ان جهنم فيها عذاب اضعاف ما يستطيعه تخيله للعقل البشري، بل حتى النيران المستعرة سوف تتقرف هذا العفن الملقى لها من هولاء المجرمين بل حتى الكلاب والغربان لن تشتهي ان تأكل جيفته بل حتى جسده وروحه سيصرخون لحظة الخلاص من هذا المجرم.

لكي تعلم إلى أي بشاعة وصل له هذا المخلوق انظر لهموم الناس ستجدها صعبه مشفرة رمزية ستجد الدمعة قبل الكلمة ستجد إطراقة الرأس أكثر من ابتسامتها ستجد ان حتى الإبتسامة تنتهي ب التحمد على الحال لقد استطاع الإنسان ان يقتل بهجة بنفسه وبهجة غيره لقد استطاع الإنسان ان يكون اقل منزلة من الحيوان!

لا ألقي اللوم على الإنسان بل اتعجب منه ولكن رغم هذه البشاعة هناك محاولات على شكل مؤسسات وحكومات وكتاب بل ايضا اصحاب الصوت الجميل واصحاب الفن الاجمل الذي لديهم مقدرة لتحويل جمادات مثل الاموال إلى حياة كريمة لبعض بني جنسنا، وإلى الفنانين الذي يحولون الكلمات الجافة إلى شيء قابل للطرب والتشرب كل ماهو نابع من الذات والنفس البشرية الأصيلة هو خير.

ولكن تلك محاولات سرعان ماتنقشع سرعان مايتبدل ذلك لا تزال ذكرى الحروب تسري في عروق وأجيال كل تلك البلدان لا تزال اسماء موتى الحروب مكتوبة على الجدران بل وعلى الارض واسألوا الغربان وأسالوا مافي باطن الأرض ستجدون الجواب.

IMG_1838.jpg

قمع الحرف قتلً للكلام:

(وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)
– القرآن الكريم سورة (البلد)
“الثرثرة شبه الصامته”
“ماذا كان يقال وراء ماقيل فعلا”
” العالم في وضع يتحول فيه إلى نوع من السجن “
ميشيل فوكو
“أنت حر لذلك فأنت تائه!.”
فرانز كافكا
“إن الإنسان حيوان يرفض أن يكون كذلك”
علي عزت بيجوفيتش
” هل تدرك ياسيدي الكريم مامعنى أن لا يكون للإنسان مكان يذهب إليه ؟ ذلك أنه لابد لكل إنسان من أن يجد مكانا يذهب اليه .. “
فيدور دوستويفسكي

لنتفرض جدلا ان الوصول للمعلومة هو شيء ممكن ان الجميع يستطيع ان يعبر عن مافي داخله بل ويستطيع ان يعبر حتى ان الضجيج الذي يحدث في صمته، دعونا نسلم جدلا ان ننستخدم الكلمة والجلوس للحديث بدل من الاسلحة والصوت المرتفع لنفترض فرضية أدهش من هذه وهي ان نستمع بدل من ان تغص كلمة من امامنا امام قتلنا لها، تخيل هذا النشاط هذه الحركة تخيل لو ان هذه الحركة في الأخذ والعطا هي نفسها التي ستجدها في البيت والعمل.

ان الاحلام التي تستيقظ منها آملا ان لم تستيقظ أعلم ان واقعك هو الكابوس واحلامك هي الأمان، ان الافتراض السابق هو نوع من الحلم الجميل وانك الآن استيقظت في واقع كابوسي ولن تستوعب انه كابوسي حتى تستيقظ فعلا من غفلة إدعاء ان كل شيء بخير، دعنا نحاكم انفسنا دعنا ننظف المرآة المتسخة دعنا نرى الأمور كما يجب دعنا نقول كل ما يبنغي ان يقال.

هل عشت فترة ما ان اردت نقاش فكرة ما فضولا او استفسار وجدت نفسك انه ينصح أن لا تسأل وان تكتفي بما لديك، هل رأيت او سمعت خبر يوما عن ما تم إصمات صوته؟ عن كتاب يحتوي على نصوص لا سلاح في داخله او مبيد حشري مجرد نصوص إنسان انه تم منعه؟ هل ترى ان وسائل الاعلام لا يتعدى صوتها الا صوتين؟ صوت فئتين وحسب؟ هل صوت المعلم في المدارس هو الطاغي وحسب ام ان هناك اصوات الطلاب المستائلة معه؟ هل تجد في اصدقائك حديث الاستماع ام حديث الاستغراب من انك لست مثلهم؟

بوسعنا وضع استفسارات اكثر من هذه ولكن هذه كافية لكي تستوعب الجحيم الذي تعيشه، لربما يقول بعضهم ولكن كل شيء بخير ولكن ماذا يقصد بالخير؟ هل يقصد عدم اندلاع الحرب؟ عدم انقطاع مؤنه الغذاء؟ كثرة المسليات؟ هل يلمح اننا بخير ان غرائزنا لم تتوقف؟ هل يلمح بأننا حيوانات سلبية؟ هل يلمح اننا بخير في انه استرح واشعر بالطمأنينة فنحن في غفله مستمرة؟

اننا ولدنا بفضول كي نكتشف ونعيش ونتقوى ونمشي في التراب حفاة لنتحمل الحياة ونجرب ونتذوق كل شيء كي نعرف ان الطفل لا يعرف حرارة النار حتى يلمسها لا يمكن معرفة البكاء دون الم ان الحياة ليست الجنة كي تقول انك بخير وتحدد الخيرية والشرية فيها ان الحياة دار بحث مستمر لا يتوقف ولكن الأشد والأدهى من ذلك ان تدعي الخير وهناك ما هو اكبر لم ينكشف!

دعنا نجرد انفسنا والجميع ونحن والإنسان بحد ذاته دعنا نحاكم الجميع ولكن كيف اكون القاضي وقد انحاز
دعنا نجرب ان نبين المراد كي لا نتيه

الإنسان يولد بحالة و وضع مختلف وهذا حقه وهكذا هي الحياة كما اننا خلقنا بحالة شبه متشابهه لكن لكل منا بصمة يد تختلف عن الآخر وحمض DNA يختلف عن الآخر فما بالك بدواخلنا وعوالم الروح والفكر ومحدوية الفهم ومستويات العقول والسلسلة اللامنتهيه من تبيين اننا لسنا نفس ذات الشيء، فكيف نقمع هذا المسكين في كيفية ان يتعاطى الحياة فما يجب ان يقرأه فيما يجب ان يقوله كيف نمنعه ان يجرب لكي يعرف ويدرك نحن لا نتحدث عن مجرم نحن نتحدث عن كائن يرغب ان يعيش ويحيا!

كيف نقمع الحرف ان اي حرف يقمع لهو لأمتداد لقمع اكبر ان اي رضاء لأي قمع يحصل هو رضاء لأن يقمعوا ماهو اعلى من ذلك، ان اي قمع لأي نص سيمتد لكي لا تسمع إلا لصوت واحد ولون واحد ولهو لإلغاء ان نكون مختلفين اي انه لا فرق بين ذلك المصنع الذي يصنع الاقلام المتشابه برؤوس محدبه لا فرق بينك وبينهم نعم هذا مستواك في البيئة التي تقمع بل على عكس ذلك القلم قد يصنع بجودة اعلى وانت لا يرغبون ان تكون الا نسخ مكررة لجودة اقل!

ايضا ايها الاحرار أيعقل ان تتجادلوا في مهاترات ومسميات ما انزل الله بها من سلطان أيعقل ان ينقضي العمر في التخفي وراء مسميات واحزاب وجدالات المراد منها فوز الطفل الذي بداخلنا لكي نبقى نحن نخطيء مجموعه كبيرة من البشر كل يوم دون ان نتفحص انفسنا، ان التعاطي مع الاختلاف مفيد لكن التجادل معه وقمعه لهو دمار نفس تدمير النفوس.

قد يقفز البعض ان اعطاء جزء كبير من الحريات سيولد المعرفه ويجعل العالم افضل لكن مثلما اشدد وازيد واعيد ان سرعان ما ينقشع كل شيء حتى يبدو لك بشاعته، الجهل ليس محصورا في البيئات المقموعه والفقيرة والضعيفه بل قد يصل للبيئة القوية المانحه حقوق سكانها والتي فيها جزء كبير من الحريات المسموحة.

ونحن اي كل نفس فينا لدينا من الانحيازات اللامنتهيه الانفعالات التي اكثر من فهم الواقع، هل فعلا كما يقول فوكو “الثرثره شبه الصامته” ان نثرثر كلاما كثيرا اخفاء لكلام اكثر في صدورنا، هل يعقل ان ثرثرتنا وانشغالانا في بعض الامور التي ليست من همومنا انها جزء من خطة هروب كبير، هل الإنشغال باللذة هو هروب من ليس من الألم ولكن من كشف الألم.

نعم ان الحقيقة ليست مريحة ان مواجهتها تتطلب الشجاعة تتطلب تضحيه راحتك انها ضريبة للوقت والجهد انها ضريبة الكرامة ضريبة ان ليس فيما عرفته بل مايجب فعله بعد ذلك، ليس فيما علمته بل ما ادركته ليس في نقد الغير بل نقد نفسك، ان نقد النفس هو نقد للغير ولكن من جهة الخير اي ان نقد نفسك هو حسن معاملة مستقبليه لكل ماهو غيرك.

لا تقع في فخ وضع اللوم ل شرور الحياة إلى تعقيد الواقع كل الامور ممكن استيعابها او على الاقل تأريخها او فهم مسبباتها لو جزء منها لا يوجد سلام ولا هرب الا الجنون فالمجنون هو وحده من استطاع الهرب بل لا تبحث عن الهرب واجه ماينبغي مواجهته حارب ماينبغي ذلك اصدق مع نفسك وضدها قل ما ينبغي قوله الحياة رحلة لوحدك قد يعينك غيرك وقد لا يعينوك قد تجد معنى ما وانت تعاني وقد لا تعاني.

انني لا ارغب في ان اكون واعظا والقى الموعظة ولكنني اتساءل معكم مالخلاص كيف الطريق هل يعقل اننا عشنا فترة من الزمن بصوت واحد مقموع منا مطالعه ما ينغي هل يعقل انه تم اغلاق العالم لنا لكي نراه خوف ان نفسق، لا يعقل ان يغلق على مجموعه هائلة من البشر خوف الخطيئة فالغاية لا تبرر الوسيلة ان من يغلق عليه هو فقط حيوان جائر او سجين مجرم !

 

06E74A7B-8177-4AAD-8B90-5E7FC5AE7A4C.jpg

“أشعر وكأني حيوان جريح في غابة تحترق.”⁩

لكي اكون صادقا هذه العبارة الجميلة التي لا زال صداها يأن في صدري المقتبسة من الجميل مَاجد | Majed

ارى انها تلخص حال ذواتنا عندما تنكشف وترى الواقع كما ينبغي ان القلب لمحروق ان حجم المعاناة في التاريخ والحاضر ولربما المستقبل اكبر ان عدد ما يتفائل له اقل بكثير إذ ان المعاناة والبؤس وفساد الإنسان أشد وأنكى.

هل نحن يا ترى ذلك الحيوان الجريح في غابة تحترق ام يا ترى سيهطل المطر في هذه الغابة فعلى الاقل نموت جرحى دون احتراق ام يا ترى ماهي بقية القصة……

 

فكرتان اثنتان على ”‎⁨”أشعر وكأني حيوان جريح في غابة تحترق.”⁩

  1. دائماً مااقول اذا كنت تملك العقل فأنت حر واذا وكلما زادت حريتك زادت المجالات التي تملك القرار فيها وكلما زاد ذكائك زاد تشتتك..

    Liked by 1 person

    1. تخليص ذكي وجميل يا وفاء وبعد ما تأملته أراه جدا واقعي والحيرة تأتي لعدم التيقن من المستقبل او غاية او صحة نهايات الأشياء

      شاكر قرائتك و وقتك ياجميلة

      إعجاب

أضف تعليق