‎⁨حوار قصير مع نفسي⁩

بعد هذه المقدمة البسيطة سوف أقوم بكتابة حوار مع نفسي بواسطة نفسي محاولا تجاوز كل سلطة خفية تمنع البوح او ربما قد اتحايل بالإجابة، لا يوجد حاجة لهذه المقابلة لأنها أشبه بعملية الإنتحار والفضيحة، ولن اقوم بها لأشبع فضول أحد او اكتب بنية خفية لإعلان نفسي بل هي رغبة حقيقة لأن أرتجل هذه المقابلة لنفسي أنا ومن سيقرأها فليتحمل هذا العبث النفسي او لا اعلم هذه ليست مهتمي ولا تأويلي.

 

 

الحوار.

*من أنت:
هذا السؤال اجده مربك من جميع الأصعدة وكأنني شيء مميز او خلق مميز رغم ان هذا السؤال بسيط وغايته معرفة من انت ببساطة، الكثير سيجيب عن ماذا يعمل وماذا يحب وما اسمه واين يسكن لكن هذه معلومات تقال في نظري نوع من قصة مكان وزمان او تبيين ماهي مرجعيتك او اهتماماتك ولا بأس بذلك، لكن الوعي بهذا المقصد جيد، واعلم ان الاجابة المطولة لهذا السؤال مزعجة وهذا الممتع في الموضوع ولكن السؤال حقيقا مربك.

 

انا معاذ شخص بسيط وحسب.

 

*ماذا تعمل:
حاليا لا أعمل انا أحاول إنهاء الدراسة، بالرغم من إيماني ان الإجابة لن تصنع فارقا، سواء اعمل في مؤسسة او قطاع خاص او اقوم بالنحت مثلا لوحدي في المنزل كل ذلك لا يهم حقا واظن ان السؤال لن يفصح عن من انا، قد اكون شاعرا واعمل نادلا في مطعم ما مثلا، فعيب السؤال انه لا يفصح عن الشخص، بل عن ظروفه او حظه.

 

*لماذا انعقد هذا الحوار بنظرك؟
حقيقة سؤال لم اكن اتوقعه بالرغم من انني مبتكر هذا اللقاء او بالأصح لم اتوقع ظهور السؤال بالمقدمة، كنت اتابع مقابلة مع الكاتبة البرازيلية كلاريس ليسبكتور، ومنغمس بطريقة إجابتها الهادئة الواضحة الشفافة وكيفية تغيير نبرة صوتها كلما كان السؤال يتعلق عن الذات تأخذ تأملا اشبه برحلة سرمدية رغم قصر مدتها، في نفس اللحظة انا حاليا متعب من الزكام ومتوقف عن الكتابة او التدوين بالرغم من ان تدويناتي قليلة مجملها، لكن أثرها النفسي الشخصي علي مهم وقوي، واعد لكتابة تدوينة اخذت وقتا لتأمل موضوعها، وفي خضم هذا الحماس تكاسلت ان اكتب ولما اردت ان اكتبها اصابني الزكام، فهذا الحوار فرصة لملء الفراغ والانتظار، وهربا من شعور تأنيب الضمير انني لم اكتب شيئا بالرغم من قلة قراء هذه المدونة، وأحسست برغبة ملحة ان اجرب شيئا جديدا وهو هذا الحوار المستفز لي شخصيا.

 

*ماذا ترى نفسك بعد ٥-١٠ سنوات؟
هذا سؤال بريء ولكنه غاية في الحمق مع احترامي لك السبب في ذلك وأعني هنا السؤال نفسه، الزمن لا نملك حيلة لكي نقفز إليه ولا نعلم حقيقة إين يسير بنا هذا القدر، الإجابة على هذا السؤال يعني ماهي احلامك كيف تتخيل نفسك (هناك)، فقبل سنين كنت اراني أريد أن أكون تلك الاشياء، ولكني الآن لم اكنها بل تغير خيال ماذا أريدني، انها نظرة تتغير بإستمرار والإجابة عليك ستكون حالمة وانا حقا لا ارغب ان ارجع للزمن وللذاكرة لاحقا واتذكر اجابتي وأتحسر رغم ثقتي بنفسي، ولكن التجربة المريرة فيما تراك ولا ترى من ماتخيلته مؤلمة، على الرغم انني الآن في أفضل مرحلة مع نفسي رغم ان واقعي ليس ناجحا حقا.

 

*لماذا تدون في زمن السرعة وقلة القراءة؟
لابد أن اوضح ان تدويناتي قليلة وأخجل من ان اسمي نفسي مدونا بل اقول للآخرين (لدي مدونة) وأحاول ان اكتب هذا اولًا، ثانيا زمن السرعة مصطلح لا اؤمن به وإنما قد اتفق وعلى مضض زمن اللذة السريعة، نعم البحث عن المعلومات اصبح ليس من مصدرها العتيق او الفهم المتواصل والبحث المستمر لفترات أو لحين بلوغ تشبع النفس وتفهمها للشيء، بل يؤخذ اول نتيجة بحث او رأس معلومة وهكذا وكأنها إيمانيات يقينة وبنفس اللحظة هناك تصريح بنفس الوقت بأن المسائل معقدة او لا تهم المهم هو اللذة، وأقصد باللذة هنا ليس معابة في اللذة بل ان فعل اللذة هو الطاغي ولا شيء سواه، فاللذة لا تُعرف إلا بالشقاء فهما متلازمتين، واحيانا اللذة التي تأتي بعد مشقة لها وقعها في النفس، والمعرفة لذة فتخيل أن تأتيك باردة حتما لن تشعر بداخلك بحرارتها.

الآن ستقول لي ماعلاقة هذا بسؤالي؟
حسنا التدوين هو كتابة وهنا اقصد الإرتجال وكتابة مافي ذاتك حقا، عواطفك مشاعرك أفكارك همومك تلقيها فورا على شكل نص هذا هو التدوين بالنسبة لي، لا أقصد الترجمة والشروحات والتدوين لخطط ما لا وانما هو الذي يشبه كتابة اليوميات الشخصية لكن هنا كتابة افكار وهموم ومشاعر الذات أكثر.

حسنا نحن في زمن اللذة السريعه التدوين هي اللذة التي لن تأتيك بسرعة فأنت مضطر لتقرأ كامل التدوينه لكي تستشعر مقصد كاتبها وتحس بإرتجالته او ربما زيفه سوف يتكشف لك ذلك، هذا سبب التدوين بالنسبة لي فرصة لي لأن اكتب وأكون نفسي رغم انني لست بمدون وبسيط وأعلم ان نصف تدويناتي مليئة بالاخطاء اللغوية والإملائية، بل بعضها يتعب الشخص في قرائتها، وأعترف انني كتبت أكثرها بنفس واحد، وأعترف انني اكتب دون اكتراث لنفسية القارئ لأنني اكتب لنفسي (ولا عيب في ذلك) بل وأريد من كل المدونين ان يكونوا كذلك في نظري.

 

* كأنك تتحاشى عن ذكر معلوماتك الشخصية.. لماذا؟
انا لدي فهم لمصطلح شخصي و ذاتي وسأذكرهم بشكل تبسيطي وهي مجرد عرض لفهمي.

اولا الشخصي وهو يتعلق بالشخص نفسه ممكن نلخصها ( اسمك – جنسيتك – عملك – مكان السكن – الخ…) وايضا مثل اليوميات والأحداث الخاصة اي كل ماهو متعلق بما فعلت ومالم تفعل وهمومك اليومية البسيطة غالبا مميزة فيك انت والتميز هنا من حيث الأحداث والمشاعر وسياقها.

الذاتي وهو خلاصة تجربة الإنسان للحياة، فكل إنسان لديه أدبيات عن الحياة ونظرة خاصة شبه شاملة او كلية او تصور عام للاشياء، وايضا هي تعنى بذات الإنسان الذي لو ابعد احداثه وحظه وزمكانه (رغم انها شكلته) بإختصار إذا جردته وأخذت خلاصته وأعمق شيء فيه، هذا هو الذاتي.

انا شخص لدي مبدأ وهو ان اظهر ذاتي لا شخصي، وهذا ما أحاول فعله طوال حياتي فحتى ابسط معلومة شخصية اقولها في سياق السائل العفوي، لأنني أكره الاسئلة التي تأتي بعدها المملة، انا اخرج للحياة لأقابل الذوات، أعلم ان البشر يفترضون ان الكثير ينتظر منهم التصريح عن انفسهم وانا عكس ذلك، اقوم بضيافه الكل لي او ان قابلوني استمع لهم لكني لا افتح باب يخترقون حياتي.

وسأعطيك جدلية هذا الموضوع :
فرضا حياتي مرموقة وفي مكانة علمية عالية سيتحول الحوار لإفتخار وتبادل قصص حول ذلك الشيء، لو اني حياتي عادية وبسيطة سوف يختصر الحوار إلى أشبه بمواساة او ربما نصائح و وعظيات خفية، أنا مدرك لهذا المآل فلا اكترث له، انا استمع لهموم الانسان لنظرته الخاصة لما يحمل في صدره ولا يبوح به، ارغب بلحظة سكونه وثقته فيني ان يبوح بما لديه وابوح انا، ليست نظرة شاعرية، لكني امقت منظر الحديث المطول عن الشخصي دون الذاتي (رغم اني متسامح لذلك) لكن رائحة ذلك الحديث تثير مقتي شخصيا.

فهذا هو السبب ومسبباته وجدلياته.

 

*ماهي نظرتك للأحداث السياسية الأخيرة:
لكل شخص الحق في التعبير عن رأيه بأي مجال لا مانع في ذلك حتى لولم يمتلك معرفة فيه ك(حق)، لكنني كنت ببداية تصاعد الأحداث حزينًا منفعلا متألما او مشتتا واستمع للاراء، لكن قراءة بسيطة في فلسفة التاريخ او رؤوس أقلام مايجري ستجد انه لا جديد، الجديد فقط هو التسارع الشديد وسهولة تعاطي المواضيع، وللامانة تعاطي البعض انفعالي اكثر من انه موضوعي، لا الوم مشاعر الآخرين المتألمة ولكني استغرب تجاهلهم لتعاطي الموضوع كما هو، ارى ان فهم الامور وجوهرها اهم من ان تغرق في شعورها، لا اذكر من قال هذه العبارة (التاريخ لا يتكرر وإنما يتكشف).

أحب هذه المقولة فهي تركع مشاعر الإنسان المنفعله وكم مرة انفعلنا انفعال شديد لقضية وقصة ما، ثم مع الزمن تبين لن احداث اخرى وتبين انحيازنا ونسيانا لقصص أخرى دون أن ندرك ذلك، وايضا انفعالنا المؤقت، ودليل ذلك كلما رديت على شخص يتأسى اننا حزنا على ذلك وتلك ونسينا سيرد بشكل (منفعل) نحن لم ننسى ولكن…

لا يوجد لكن في السياسة فهي إما أو.
وايضا كي لا يفهم خطأ انا لا ابرر للأحداث وإنما أحاول قرائتها دون توتر.

مالم ابح به في إجابتي هو إجابتي لك.

 

*ما أخر كتاب قرأته:
سؤال يشعرني بالخجل فأنا لم اقرأ كتاب منذ مدة طويلة كلها لا تقتصر على مقالات ومواد يوتيوبية بسيطة واكثرها اعتمد على التأمل الشخصي والجدال والحوار مع الاصدقاء، القراءة مهمة ولن اجد مبرر لكي لا تقرأ، لكنها ليست الوسيلة الوحيدة (بالرغم من اهميتها).

 

*مالذي تقدمه غير المدونة؟
حاليا هذه المدونة في وورد بريس وهي للتدوينات الطويلة او المطولة ولدي مدونة في تمبلر وهي للخواطر الخفيفة، ولدي برنامج صوتي بنفس المفهوم الذي ذكرته، وهي

معاذيات تدوينات صوتية إرتجالية ذاتية تماما في مواضيع منوعة، لا يوجد لدي الكثير لكي اقدمه او شيء يستحق الذكر حقيقة هنا.

وحساب فني بسيط باسم آرتيتي

*هل لديك شيء آخر تقوله؟
والله استمتعت حقيقة بهذا الحوار توقعت اسئلة أكثر صلابة وتمرد لكن إن كان هذا مالديك فأشكرك لإتاحة الوقت حقيقة لم اكن اتصور أنني سوف أجيب، والله الذي في البال كثير والرغبة بالثرثرة وتخيل وقعها في القارئ كثير وجميل للأمانة وبدون مجاملة، لكني نخجل من هذا الخيال حقيقة لأن الذات سوف توبخنا لأن الكتابة حقيقة هي من فعل الذات، الكتابة اليومية او لعمل ما هذا واجب اخلاقي او علاقات ما، لكن الكتابة هي توقف عن كل شيء ثم فعلها والتكشف لأجل ذلك لها لذتها.

فكرة واحدة على ”‎⁨حوار قصير مع نفسي⁩

أضف تعليق